أمضى فريق من الباحثين قرابة ستة أشهر في جمع بيانات عن ختان الإناث من كل أنحاء العالم، وكان من ضمن ما توصلوا إليه أن هذه الممارسة منتشرة في دول عربية عدّة - بخلاف الاعتقاد السائد بأن الختان متركز في دول إفريقية من بينها مصر والسودان.
وخلص البحث الجديد الذي أعده فريق منظمة إيكوالتي ناو (Equality Now) البريطانية، بالتعاون مع الشبكة الأوروبية والشبكة الأمريكية للقضاء على الختان، إلى أن ختان الإناث يمارس تقريبا في كل دول الشرق الأوسط: البحرين والعراق والأردن والكويت وعمان وقطر والسعودية وسوريا والإمارات واليمن، إلى جانب إيران.
ولم يتمكن الباحثون من الحصول على احصائيات في لبنان والأراضي الفلسطينية.
وقالت المحامية ديفيا سترينيفاسان، إحدى المشرفات على التقرير، إن نتائج البحث أظهرت "مفاجآت" عدّة تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، من بينها "وجود دراسات أجريت في بلاد عربية، ولكن على نطاق صغير، وتظهر أن ختان الإناث موجود فيها". لكن أكبر المفاجآت كانت أن هذه الممارسة "موجودة على نطاق كبير عند النظر إلى الاحصائيات بشأن إيران وعمان والسعودية".
ختان الإناث: "أنتِ قالب ثلج لا يشعر، لا يحب، لا يرغب"
مصر تعمل على تغليظ عقوبة ختان الإناث وسد "ثغرات" في القانون الحالي
ختان الإناث: عن "خيانة" الأهل لبناتهم
وهناك أربعة أنواع من ختان الإناث: النوع الأول يتم فيه استئصال البظر، أما الثاني فيتم فيه استئصال البظر والشفرين الصغيرين، وفي الثالث (الختان التخييطي) يقطع الشفران الصغيران والكبيران ويخاطان مع ترك فتحة صغيرة. والنوع الرابع يشمل جميع العمليات الضارة الأخرى مثل وخز وثقب وكشط البظر أو منطقة الأعضاء التناسلية.
ختان الإناث: ما هي أنواعه وأضراره؟
أرقام "مفاجئة"
لم يتمكن الباحثون من جمع بيانات رسمية حول ختان الإناث، إذ ينشر عدد قليل من الدول العربية احصائيات تتعلق بالختان، ومنها العراق واليمن ومصر والسودان.
لذا اعتمد الباحثون على الاحصائيات المحلية التي تعلنها كل دول، إن توفرت،كما استخدموا دراسات أجريت على نطاقات ضيقة (بشرط أن يكون الباحث قد تحدث إلى 25 امرأة على الأقل، أو أن تكون نتائجها قد نشرت في دراسات أكاديمية أو طبية).
والهدف من هذا التقرير إطلاع الناس على أرقام غير متاحة لهم، وتسليط الضوء على حقيقة أن هذه الممارسة لا تقتصر فقط على دول إفريقية، في حين أن معظم الجهود ركزت في السابق على دراسة الممارسة في دول أفريقية وإغفال مناطق أخرى.
وهنا أبرز ما ورد في التقرير، الذي جاء في أكثر من 50 صفحة، بخصوص كل من عمان والسعودية وإيران:
- عُمان: يقال إن هذه الممارسة منتشرة في أنحاء البلاد. وكشف إحصاء في محافظة الداخلية أن 95.5% من النساء اللاتي كن ضمن عينة البحث قد خضعن للختان. وكانت دراسة أجريت في وقت سابق قد كشفت عن انتشار الختان في العاصمة مسقط بنسبة 78% من عينة النساء التي كانت ضمن البحث. ويقال إن النوعين الأول والثاني هما المنتشران في سلطنة عمان.
يذكر أن عمان أصدرت في أغسطس/آب 2019 تعديلا على قانون الطفل وذكرت صراحة ممارسات تقليدية تضر بصحة الطفل تتوجب العقوبة، ومن بينها "تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى (الختان)". ويعاقب المخالفون، الأطباء والممرضون والأهالي ومن يروج أو يساعد على هذه الممارسات، بالسجن لمدة لا تقل عن 6 شهور ولا تزيد على 3 سنوات. وتضاعف العقوبة في حالة التكرار.
- السعودية: جاء في التقرير أن هذه الممارسة تنتشر بين النساء والفتيات السعوديات ونساء وفتيات الجاليات المقيمات في المملكة؛ إذ توصلت دراسة أجريت في مدينة جدة إلى أن 18% من نساء وفتيات البحث خضعن للختان، في حين أن دراسة أخرى أجريت في منطقة الحائل قدّرت النسبة بـ 80% من العينة المبحوثة. وأكثر الأنواع انتشار هي النوعين الأول والثاني، كما قيل عن حالات من النوع الثالث.
- إيران: قال التقرير إنه من المعروف أن ختان الإناث متركز في المنطقة الكردية ومجتمعات الأقليات السنة، وتحديدا في غرب البلاد وجنوبها. وتوصلت دراسات في مناطق عدة من إيران إلى انتشار الختان في ما بين 16 - 83% من عينة البحث. وأكثر أنواع الختان شيوعا هو النوع الأول، كما رصد التقرير حالات من النوع الثاني.
تعلّق المحامية ديفيا، المقيمة في مدينة دلهي في الهند، على ذلك قائلة: "أتفق مع فكرة أن هذه الممارسة لا ترتبط بدين معيّن، فأشخاص منتمون لمختلف الأديان يمارسونها في كل أنحاء العالم - تقريبا في 92 بلدا".
وتضيف: "أعتقد أنه لا يمكن ربط هذه الممارسة بدين معين أو قبيلة معينة أو ثقافة معينة، بل هي مرتبطة بعدم المساواة بين الجنسين، وبالنظام الأبوي السائد الذي يسعى للسيطرة على جنسانية المرأة وجسدها".
وبخصوص باقي دول الشرق الأوسط، هذا أبرز ما ورد بخصوصها:
- اليمن: تقدر الاحصائيات الرسمية نسبة انتشار الختان بـ 18.5% بين النساء والفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 49. والنوع الثاني من الختان هو الأكثر شيوعا في البلاد.
- العراق: تقدّر إحصائيات صادرة عن مؤسسات وطنية أن الختان منتشر بين 7.3% من النساء والفتيات في العراق اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عاما. وتتركز هذه الممارسة بشكل واسع في المنطقة الكردية، كما أن أكثر الأنواع شيوعا هو النوع الأول.
- الكويت: هناك دراسة واحدة في الكويت قدّرت نسبة انتشار الختان بـ 38% من عينة البحث.
- الإمارات: توصل بحث إلى أن 34% ممن شاركن في الدراسة خضعن للختان، دون معرفة نوع هذا الختان.
أما في البحرين والأردن وقطر وسوريا، فجاء في التقرير أن هناك "شهادات من قبل أشخاص على وجود ختان الإناث، لكن الأدلة المتوفرة قليلة للغاية".