كتب/فريد المساوى
تتجدد الحديدة في كل مرة تزورها فتجد فيها جديد يدهشك ومستجد يبهرك، فمهما طال غيابي عنها أياما أو أسابيع أعود إليها فأجدها تبدو أجمل وأروع على طريق استعادتها لرونقها وجمالها ومكانتها الطبيعية كعروس للساحل الغربي.
وسط الدمار والخراب وفي خضم البؤس الجاثم على قلوب أبناء تهامة تعمل قيادة السلطة المحلية بخطى متسارعه لاستعادة المدينة الأجمل لعافيتها وزخمها رغم كل المعضلات و كل العوائق وآخرها وليس بأخيرها جائحة كورونا ومن قبل ذلك العدوان البربري وأذنابه الذين كانوا ومازالوا يحاولون بشتى الطرق والوسائل وأد جمال هذه العروس والقضاء على أحلام أبنائها.
صعوبات جمة تواجهها السلطة المحلية بالحديدة إلا أنها ثابتة ثبات تاريخها المتأصل في عمق القرون، لم تستسلم ولم تتوقف عن العمل فمن يعرف عن قرب المحافظ محمدعياش قحيم يرى جلياً مدى عزيمة وصبر ومثابرة هذا الرجل الذي رضع الصبر والحِلم منذ نعومة أظافره، فعاش عزيزا كريما قائدا مغوارا، ولم يكن يوما مرفّهاً أو ممن يحبون العيش الرغيد والراحة، بل ارتقى ليكون مجاهداً في ظل المسيرة القرآنية و السيد علم الهدى سلام الله عليه قدوة وملهماً له في كل أفعاله وأقواله.
كما أن وجود كوكبة من الرجال الصادقين مثل المشرف العام للمحافظه و وكيلها الاول المجاهد الأستاذ أحمد البشري والوكيل المجاهد أبو يونس الجرموزي وبقية قيادة السلطة المحلية شكل ذلك دفعة قوية لـ(قحيمان) لكي يقوم بدوره المنشود و يقود دفة سفينة الحديدة بجدارة واقتدار لتبحر وسط كل هذه الأعاصير العاتية والأمواج العالية.
لقد استطاع قحيمان أن يكسب قلوب الناس ببساطته وتواضعه الجم و عندما تكون بحضرته وتحدثه تكاد من شدة تواضعه ودماثة أخلاقه وابتسامته التي لا تفارق محياه تظن أنك أنت المحافظ و هو المواطن، فهو يصغي إليك أكثر منك ويعطيك ما يسعد قلبك و لا يقابلك بما تكره أبداً، وإن كنت متعصبا أو متوترا يزيل توترك.
ولن نتحدث عن تعامله مع الفقراء والمساكين وكرمه معهم وإنفاقه بسخاء عليهم فهو محافظ المساكين بل مواطن صديق البسطاء والفقراء.
قحيمان.. اختصار لمعالم وعوالم العصامية والحكمة والوقار، واختزال للقيادة الفذة المنطوية على روح البساطة والتواضع وسمو النفس، فهو سلسلة متواترة من عرى متشابكة جمعت صفات القيادة بنواصي العظمة المسجاة بالسمو والتواضع، وهو إذ ذاك يؤمن يقينا أن سرّ شخصيته الجاذبة لقلوب الناس وحبهم له مكنونٌ في تلك السلسلة التي يتحلى بها قحيم دون غيره.
وإذا حالفك الحظ ورافقته راكبا أو سائرا سترى كيف أن الكل يعرفه في شوارع الحديدة ويناديه و هو ينصت للجميع ويستمع لهم ولا يرد أحدا مناديا أو سائلا .
فمن رحم المعاناه رزق الله الحديدة بهذا الانسان البسيط المتواضع العصامي الذي يحمل طباع وصفات ابن الريف ليتولى المسئولية في ظروف قاهرة وإمكانيات شبه معدومة إلا أنه أثبت أنه من الرجال الصادقين ولمساته واضحة للعيان فالكل اصبح يدرك من هو قحيمان،
فبعضهم يفضل أن يكتب إليه فخامة او سيادة الأخ المحافظ فلان!! و لكن (ابوعبدالملك) يحب أن نقول عنه بساطة المواطن قحيمان.
لا أقول هذا جزافا أو تعصبا أو تزلفا لـ(قحيمان) بلا استحقاق، ولعل قلمي لا يزعم لنفسه تقديم هذه العظمة كاملة إذ حسبه أن أومئ إلى سماته، وتطلع إلى سمائه.. فقحيم تسلم محافظة الحديدة منهارة من جراء العدوان الغاشم، بنية تحتية من ركام، وحصار اقتصادي يكتم الأنفاس، وفساد ينهش جسد هذه الأرض الطيبة،
فشتان ما بين الحديدة حين تسلمها قحيم والحديدة حين صنعها قحيم، لم تكن طوكيو ولا باريس، إنما كانت مهدمة منهارة كحفنة من ركام وأنقاض، وها هي اليوم تستعيد بقحيم عافيتها من جديد لتثبت للعالمين أن عروس البحر الأحمر تبقى عروسا ً ولكن حين تزف إلى قائد حكيم.