قالت صحيفة “لوس أنجليس تايمز” في افتتاحيتها إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحرك نحو عسكرة الأزمة بعدما صب الزيت على النار.
وأشارت إلى أن الرئيس، الذي أعلن عن نفسه “رئيس النظام والقانون” وأنه مستعد والحالة هذه لنشر الجيش لقمع المتظاهرين، كشف مرة أخرى عن عدم فهمه للسبب الذي دفع الأمريكيين الخروج إلى الشوارع.
وينظر لتصريحاته يوم الإثنين أنها محاولة جديدة لتسجيل نقاط سياسية ضد أعدائه في تكرار آخر لحملته الانتخابية عام 2016: “أنا من يستطيع إصلاح الخلل”. وقالت الصحيفة إن العنف وتدمير الممتلكات الذي رافقه بما في ذلك مدينة لوس أنجليس مثير للدهشة. وفي زمن آخر ورئيس آخر كان سيدعو إلى الهدوء وشجب الفوضى والدعوة لاتخاذ إجراءات للتعامل معها بدون أن يشك أحد في نواياه.
وفي حالة ترامب فلا مجال للتعامل مع أي شيء يقوله ضمن هذا الإطار. ففي تصريحاته يوم الإثنين كما في السابق عبر عن تعاطفه مع جورج فلويد الذي كان مقتله سببا في التظاهرات الأخيرة. ولكن الرئيس فشل في التعامل أو فهم أن مقتل فلويد هو آخر الحوادث التي تستخدم فيها الشرطة العنف ضد الأمريكيين من أصول أفريقية، والتي تمثل في جوهرها عنصرية متأصلة.
وكان تجاهل ترامب لهذا الواقع واضحا في الأيام الأخيرة. ففي الأسبوع الماضي كتب تغريدة جاء فيها: “عندما يبدأ النهب يبدأ القتل”، وقال إن الشرطة السرية تحضر لإطلاق كلابها الشرسة على المتظاهرين المتجمعين أمام البيت الأبيض. وكلا التصريحين يعبران عن محاولات حرمان الأمريكيين من أصول أفريقية من حقوقهم المدنية.
وتقول الصحيفة إن تصريحات ترامب وسط هذه الأزمة هي تظاهر زائف بالرجولة، فالجميع يتذكر ما قاله في حملة الرئاسة لعام 2016 من أنه سيعرض الإرهابيين لأساليب تعذيب أشد من أسلوب الإيهام بالغرق. وكذا نصائحه للشرطة الأمريكية بألا يكونوا “طيبين جدا” مع المتهمين عند وضعهم في السيارات. وفي اجتماع عبر الفيديو مع حكام الولايات المتحدة مارس ترامب دور المحاضر عليهم وطالبهم باعتقال وسجن المتظاهرين.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز”: “يجب أن تكونوا في موقع السيطرة وإن لم تسيطروا فأنتم تضيعون وقتكم وسيدوسونكم وستظهرون كحفنة من الأغبياء”. وتقول الصحيفة إن “معظم الرؤساء يحاولون في وقت الأزمة الوطنية الابتعاد عن الحزبية الفاضحة ولكن ليس ترامب، فقد وصف عمدة مينيابولس الديمقراطي بـ “العمدة الراديكالي اليساري الضعيف، جاكوب فري”.
وهاجم حكام الولايات وعمد المدن الديمقراطيين قائلا: “العالم يراقب ويضحك منكم ومن جو البليد” في إشارة للمرشح الديمقراطي جوزيف بايدن. وقال: “هل هذا ما تريده أمريكا؟ لا”.
ولو كانت هناك أي ذرة شك من أن ترامب يتعامل مع الأزمة عبر العدسات السياسية فقد تبدد عندما مشى في حديقة لافاييت التي تم تفريق المحتجين منها بالقوة ثم إلى الكنيسة التاريخية سانت جونز التي تعرضت للحريق يوم الأحد ووقف حاملا الإنجيل في يده.
وتقول الصحيفة إن مهمة السيطرة على ترامب تقع على عاتق الجمهوريين الذين لم يسارعوا بمطالبته بتخفيف حدة لغته النارية. ومن انتقدوا تصريحاته شاركوا في محاولة للتقليل منها. فالسناتور الأسود والوحيد في مجلس الشيوخ تيم سكوت قال إن تصريحات ترامب “ليست بناءة”. وعندما سئل زعيم الغالبية الجمهورية في الكونغرس ميتش ماكونيل عن تصريحات ترامب قال: “في العادة لا أعلق على تغريدات الرئيس”. وفي العادة يرتفع الجمهوريون في الكونغرس وزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ كيفن ماكارثي فوق الحزبية ويعترفون بأن ترامب لا يصلح لأن يظل في البيت الأبيض ولا يستحق أن ينتخب مرة أخرى. وبدا واضحا وحتى قبل محاكمته أن الجمهوريين الذين لا يحبونه لم يسارعوا لنقده أو مواجهته علنا باستثناء ميت رومني، السناتور الجمهوري عن أوتا الذي اتهم ترامب في المحاكمة. ولكن على الجمهوريين الحديث وبشدة ضد ترامب خاصة أن كلامه لم يؤثر على الطريقة الحضارية في الحوار ولكن على النظام العام. وعليهم تحكيم العقل ووقف ترامب من إطلاق العنان للجيش ضد المدنيين وتحويل وضع سيئ إلى وضع مروع.