شرت صحيفة “الغارديان” افتتاحية علقت فيها على محاولات الرئيس دونالد ترامب تغيير النتائج الانتخابية والتحايل على الديمقراطية. وقالت إن الرئيس يحاول تقويض النظام الذي هزمه، و”في هذا الأسبوع سيقوم دونالد ترامب بدعم الزعم القائل إن الديمقراطي جوزيف بايدن لم يربح الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر.
ويقتضي تسليم السلطة السلمي في الديمقراطية من المرشحين وأتباعهم الاعتراف بالهزيمة. ولكن الرئيس ترامب صنع جدلا للبقاء في السلطة وقلب نتائج انتخابات شرعية”.
وقالت إن المحاكم الأمريكية رمت مرارا وتكرارا حالات قدمها ترامب بدون أدلة، ولكن لم يمنع هذا المتواطئين مع الرئيس في الكونغرس. وقدم لهم نائب الرئيس مايك بنس دعما في محاولتهم يوم الأربعاء لتحدي انتصار بايدن وفرض نقاش بشأن التصويت في الكونغرس.
ويشير بعض الباحثين والمؤرخين إلى سابقة تاريخية تقدم فرصة ضئيلة ولكنها متلاشية باستمرار الكابوس. ولن يفوت ترامب أي فرصة لمناقشة وتحدي نتائج الانتخابات. ويجب إفشاله من أجل أمريكا ومصلحتها، ولأن البديل هو انهيار الأعراف السياسية واندلاع النزاع الأهلي. ويطالب ترامب الديماغوجي أتباعه بعدم احترام نتائج الانتخابات ورفض رئاسة جوزيف بايدن. وهناك مخاوف مشروعة من اندلاع الاحتجاجات، خاصة في ظل وجود مسلحين بين المشاركين. وربما استدعى ترامب الحرس الوطني أو أرسل العملاء الفدراليين للتعامل مع الوضع. وهذه فوضى يأمل من خلالها ترامب الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح.
ويرفض ترامب الخسارة ولا يتحمل فكرة أنه هزم في انتخابات نزيهة. وعليه التخلي عن مزاعمه لكنه لا يرى سببا يقوده للاستسلام. ففي النهاية لم يعاقب على انتهاكاته للتقاليد والأدب والقانون بل وحصل بدلا من هذا على المكافأة. ويشعر أنه يستطيع الإفلات من العقاب ومن أي شيء. وما على الحزب الجمهوري إلا لوم نفسه واحتضانه الترامبية، وهي أيديولوجية طفيلية تهدد بالسيطرة على الضيف.
وتخلى ترامب عن حجة القوة واستبدلها بقوة الجدل في الانتخابات الأمريكية. وبمساعدة من منصات التواصل الاجتماعي قام الرئيس بتقسيم الناخب الأمريكي وبنى “جمهورية مضادة” على الإنترنت والتي أصبح فيها الغضب والخوف المحركيَن للمشاعر.
وفي هذا العالم أصبحت الولايات المتحدة تحت تأثير الليبرالية والاشتراكية. ويسوق ترامب معركته الخيالية على أنها ضرورة حتى لو تحايلت على الديمقراطية نفسها. وهو ما ساعده على تأطير رفض النتائج الانتخابية باعتبارها امتدادا لأساليب الجمهوريين المضادة للديمقراطية. وهذا هو بمثابة غش وقمع للأصوات من أجل ضبط وتحييد المعارضين السياسيين.
وقالت الصحيفة إن على الساسة في الولايات المتحدة التخلي عن فتنازيا ولاية ثانية لترامب. فالتشكيك بنتائج الانتخابات بدون أي دليل عن حدوث خطأ هو تهديد لفكرة الليبرالية الديمقراطية.
وستجعل أمريكا أسيرة للأكاذيب في وقت تواجه فيه مشاكل واضحة. ولا أحد خارج فلك ترامب يعتقد أن واشنطن بحاجة إلى حفل تنصيب منافس في 20 كانون الثاني/يناير. وترامب لا يتبنى الفوضى للتعبير عن رفضه فقط، بل يحاول أيضا تقويض النظام الذي هزمه.