-->
عين الحقيقة عين الحقيقة
اخبار متنوعه

اخبار متنوعه

اخبار متنوعه
اخبار متنوعه
جاري التحميل ...
اخبار متنوعه

الحج الديني والأعراس عند قدماء اليمنيين في تهامه.

عين الحقيقة/دراسات

*علي مغربي الأهدل


هناك علاقة تاريخية وتلازم ثقافي عقائدي بين الإحتفالات الدينية (الحج الديني ) والأعراس اوالزواج المقدس.

 فالحج في التاريخ القديم هو عبارة عن احتفال كان يقام في أشهر اوأيام محددة من السنة
 تلبية لأمر إله ما من الآلهة التي كانت تعبد بالمنطقة ، وفي مقدمتها الإله القمر.

 وكثيرا ماتأتي تلك الإحتفالات الدينية في نهاية موسم الحصاد الزراعي كتعبير عن الشكر لتلك الآلهة او المعبودات.

  وقد رأى القدماء ان هناك تماثل رمزي بين الأرض والمرأة من حيث الخصوبة والعطاء ،وحتى من حيث العمل الزراعي (الحرث ) والفعل الجنسي.

 لذلك ربطوا بين احتفالات الخصب والحصاد وبين العلاقة الجنسية بالمرأة (الزواج المقدس) 

 فكانت طقوس الزواج  تتم  خلال هذا الاحتفال الديني الذي يقام للآلهة.

 وتعتبر الآضاحي والرقص والطبول ومظاهر الفرح الأخرى من أهم الطقوس والشعائر التي كانت ترافق الحج الديني او الأعياد الدينية.

 وتعتبر الوزبة بكل مظاهرها الحركية والغنائية المصاحبة أقدم تلبية دينية موجهة نحو الإله (أزيب ، زبب ، زبوب ) أحد آلهة الجنس والخصب الذي عرف عند كثير من شعوب المنطقة.

 وكلمة (حج )بمفهومها الديني متأخرة تاريخيا فلم يكن الحج اسمه حج بداية بل نجد أن الاسم القديم للحج هو (محضر ،حضر )

 فقد ورد اللفظ (ح ض ر ) في النقوش ليدل على احتفال ديني يقام تلبية لأمر إله.

 هذه المفردة (ح ض ر)(محضر)السابقة لكلمة حج نجدها في الموروث اللغوي التهامي تعبر عن مجمل الطقوس والعادات التي تصاحب العرس.

 حيث ان كلمة عرس في الثقافة الشعبية التهامية ككلمة تدل على مجمل طقوس حفل الزواج وعلى يوم العرس نفسه لم تستعمل بدلالتها الحالية الا من فترة قريبة.

والذي يبدو أن وجودها في التعبير اللهجوي لايختص بمجمل الفعاليات كبقية المناطق وإنما بجزئية معينة من طقس الزواج.

 أما مجمل الطقوس والمظاهر المصاحبة للعرس وبخاصة يوم الذروة (يوم العرس نفسه) فتسمى (محضر )والقادمون للمشاركة يطلق عليهم (حضارى ).

 ومن خلال تأمل فعاليات العرس التهامي ال(محضر) وتحليلها ومقارنتها بالمعلومات التاريخية الواردة عن الحج في الديانات القديمة
 يتبين أن جزء كبيرمن طقوس العرس في تهامة
 بما فيها التسمية (محضر ) هي بقايا ورواسب من طقوس الحج الديني القديم وشعيرة الخصب  التي كانت تقام في مواسم الحصاد في تلك الاحتفالات الدينية.

  وهناك العديد من الأمور التي تؤكد أن العرس التهامي في كثير من فعالياته هو امتداد او بقايا من طقوس ال (محضر )(الحج الديني القديم) وطقوس الزواج المقدس التي كانت تقام خلال ذلك الحج او تلك الإحتفالات منها على سبيل المثال :
 - التسمية محضر.

 - إقامة الأعراس في نهاية موسم الحصاد.

 -إقامة العرس في الليالي المقمرة منتصف الشهر وهذا له علاقة بالقمر المعبود الرئيسي 
 عند قدماء اليمنيين.

 -الحضور القوي للفل في العرس التهامي 
 ولا سيما بالعروسة من خلال التاج الذي يصنع بشكل عجائبي فوق رأس العروسة الى جانب الإيحاءات الجنسية التي يحملها الفل دون سواه من النباتات والمواد العطرية وبخاصة أنه كان يطلق عليه في الأساطير الشعبية قبل الميلاد (طعام الآلهة )بالإضافة الى تسميته (زهر )(اسم الإله القمر شهر) قديما ، حيث كان الزهر  (الفل) يمثل أهم قرابين الجنس والزواج المقدس ويمكن ملاحظة شئ من هذه الدلالة العقدية  في كلمة (كبش) التي تطلق على عقد الفل في تهامة حيث أنه يعادل موضوعيا 
 الكبش الحيوان كقربان.

- معظم الرقصات والإيقاعات والصيحات التي تمارس خلال العرس سواء النسائي او الرجالي هي رقصات ذات طقس ديني في الأصل.

- طقوس ليلة الدخلة خلال وصول العروسة الى بيت العريس بكل مايصاحبها من فعاليات كالذبح عند أقدام العروسين والحركات التي يقومان بها ( المخطى) بضم الميم ، وكذلك افتضاض البكارة وما يصاحبها من احتفاء وإشهار واهتمام ليلا وعند الصباح الباكر هي في حقيقتها بقايا من شعيرة الخصب والجنس المقدس التي كانت فعالياته تقام في الزمن الأقدم بشكل علني بين الملك والكاهنة ومن ثم أفراد الشعب وذلك في المعبد الخاص بالإله في وسط الأجواء الإحتفالية التي كانت تقام خلال المحضر الديني او الحج القديم ، والذي يبدو أن تلك الطقوس التي تمثل مراحل مختلفة من عقائد وآلهة الخصب ومع الزمن ظل ماتبقى منها
بعد فصلها عن الجانب الديني المباشر ، عبارة عن رواسب ثقافية عالقة في الذاكرة من ذلك الطقس الديني القديم ، ثم دخلت ضمن العادات والتقاليد الشعبية التي نشاهدها اليوم في الأعراس وغيرها من ممارسات الحياة اليومية 
صحيح أنها فقدت مدلولها الديني ولكنها لم تتخلى عنه نهائيا بل ظلت تحتفظ لنا في تلك العادات والممارسات الطقسية بأثر ولو بعيد وباهت من ذلك الماضي القديم ، فعبارة (وو دريس ، دروس ، أو  وو درريس ) التي يرددها الرييس أو الرييسة أثناء طقس العرس بالقرب من العريس أو العروسة هي في الأصل ( أزيرييس ) بإبدال الزاي ذالا ثم دالا وهو أحد آلهة الخصب الفرعونية.

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

عين الحقيقة

2016