تحت عنوان “أيام بومبيو الأخيرة: وزير الخارجية يواصل هجماته مع انتهاء عهده” نشر مراسل صحيفة “الغارديان” في واشنطن جوليان بورغر تقريرا قال فيه إن مسؤول السياسة الخارجية في إدارة ترامب تبنى سياسة صدامية مع إيران ومن اعتقد أنهم أعداء للولايات المتحدة لكن جهوده في التخريب الدبلوماسي ستنتهي بالفشل.
وقال إن النهاية لعهد بومبيو في وزارة الخارجية كان مثيرا للجدل وصاخبا مثل بقية الـ 32 شهرا التي قضاها وزيرا وليس من الواضح أي من البصمات التي ستظل بعد رحيله. وقال بورغر إن بومبيو قضى الأيام الاخيرة بنشر سلسلة من التغريدات بمعدل العشرات في اليوم وهو يحاول إعادة كتابة نسخته من التاريخ. وقام العضو السابق في الكونغرس عن ولاية كنساس وبطموحات واضحة لانتخابات 2024 بالتأكيد على مزاعم نجاحه عبر إشارة مهينة للإدارة السابقة التي اتهمها بأنها حاولت وبتعاسة استرضاء الخصوم. واحتوت بعض التغريدات على معلومات غير صحيحة، مثل تحميل باراك أوباما مسؤولية معاهدة التحكم بالسلاح والتي وقعها قبل عقود رونالد ريغان.
وبدا بعض المزاعم متناقضا مع سياسات الحكومة الأمريكية مثل زعمه أن إدارة ترامب تبنت سياسة الردع تجاه إيران بالإضافة لزعمه أن طهران باتت أكثر تهديدا من ذي قبل. وفي يوم الثلاثاء وصف إيران بـ “أفغانستان جديدة” بدون تقديم أية أدلة. وقال إنها اصبحت مركز عمليات القاعدة. وفي الوقت الذي تم فيه ضرب الاقتصاد الإيراني بسبب العقوبات المستمرة إلا أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بدرجات منخفضة زاد إلى 12 ضعفا عما كان عليه منذ تولي دونالد ترامب الحكم وخروجه من الاتفاقية النووية في 2018 عندما عين بومبيو وزيرا للخارجية.
وعلق نيسان رفاتي، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية “لو كانت الضغوط الاقتصادية التي تسببت بها العقوبات الأمريكية على إيران بزيادة أو فشل النشاطات التي كان من المفترض ان توقفها السياسة، فالمسألة أنها تركت أثرا بدون نتيجة مقبولة”.
وناقش بومبيو أن قمة ترامب مع الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ- أون أدت إلى توقف في اختبارات الرؤوس النووية والصواريخ طويلة المدى. ولكنه لم يذكر أن كيم قد أعلن عن نهاية تعليق النشاطات وسيكون لديه ترسانة أكبر مما كانت لديه عندما التقى مع ترامب.
كما أن الصورة التي رسمها بومبيو لأمريكا ترامب على طرف النقيض مع الأحداث الأخيرة التي شهدتها الولايات المتحدة.
وبعد يومين من تعرض الكونغرس لهجوم غير مسبوق من الغوغاء الذين دفعهم ترامب كتب بومبيو تغريدة عبرت عن لامبالاته بالأحداث وقال فيها ” كوننا أعظم دولة على وجه الأرض فالأمر لا يتعلق باقتصادنا المذهل وجيشنا القوي ولكن يتعلق بالقيم التي نقدمها إلى العالم”.
وتباهى أيضا أن وزارة الخارجية تحت قيادته “عملت أكثر من أي وزارة أخرى على بناء التحالفات وتأمين المصالح الأمريكية”، كل هذا قبل أن يلغي رحلته الخارجية الأخيرة لأن نظراءه في أوروبا لا يريدون مقابلته. وقال وزير خارجية لوكسمبورغ إنه من غير المعقول لقاء وزير الخارجية الأمريكية ووصف تصرفات ترامب بـ “الإجرامية”. وكانت وزيرة خارجية بلجيكا صوفي ويلميس التي كانت المفترض لقاء بومبيو معها واضحة أن حكومتها تعول على إدارة جوزيف بايدن لإعادة الوحدة والاستقرار. وعلق بريت بروين، مدير المشاركة الدولية في البيت الابيض أثناء إدارة أوباما “إنه أمر غير مسبوق ألا يرحب بوزير الخارجية الأمريكية في نهاية ولايته وبدول أجنبية قريبة منا” و “يظهر المدى الذي نبذ فيه نفسه”.
وفي جولاته الأخيرة التي استعرض فيها انتصاراته قصر بومبيو المعروف بحساسيته لقاءاته مع مقدمي البرامج الحوارية المحافظين ورفض الإجابة على أسئلة بعد خطاباته. وفي مقر إذاعة “صوت أمريكا” التي تمولها الولايات المتحدة قلل في خطاب له يوم الإثنين من الصحافيين العاملين غيها وشكك في وطنيتهم بل واتهمهم “باحتقار أمريكا”. وطلب منهم بث تقارير أن “هذه هي أعظم أمة عرفها العالم”. وعندما حاولت الصحافية في “صوت أمريكا” باتسي ويكادوكوسورا توجيه سؤال لها تجاهلها. وبعد ساعات تم نقلها من مهمة تغطية شؤون البيت الأبيض إلى مهمة أخرى. ويحاول مايكل باك الذي عينه ترامب وبومبيو مديرا لوكالة الولايات المتحدة للإعلام الدولي والتي تشرف على صوت أمريكا وغيرها من الإذاعات التي تمولها الحكومة الفدرالية التمترس في منصبه بحيث يصعب على الإدارة المقبلة عزله، من خلال تحويل وضعية المؤسسة المستقلة لصالحه. ولا يعرف إن كان باك سينجح في جهوده بعدما نفر العديد من المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس بسبب عمليات التطهير التي قام بها للصحافيين والمدراء. وقال بروين “اعتقد أن الحكومة المقبلة لن تجد صعوبة في مساعدته على الخروج”.
وحاول بومبيو وضع عقبات وألغام أمام الإدارة المقبلة لتغير سياسات ترامب. فقبل عشرة أيام من نهاية عمله أعلن عن تصنيف حركة الحوثيين في اليمن ضمن الحركات الإرهابية الأجنبية، كما واعتبر كوبال دولة راعية للإرهاب رغم عدم تهديد أي منها أمريكا. واتخذ بومبيو قرار تصنيف الحوثيين الذي قالت منظمات الإغاثة الدولية إنه سيعقد من مهام مساعدة اليمنيين ويزيد من الكارثة الإنسانية بدون استشارة المشرعين أو المساعدين لهم. وقال مساعد لوزارة الخارجية “عليكم التوقف عن الكذب على الكونغرس”. وقال المساعد ” مثل بقية الإيجازات من الإدارة فقد أرسلوا هؤلاء المساكين للدفاع عن السياسات السخيفة ولكنهم لا يستطيعون”.
وحاول بومبيو أثناء وجوده في الوزارة وضع المسمار الأخير في نعش الاتفاقية النووية التي وقعتها الدول الكبرى مع إيران، ولكنه فشل. وفي ردها على العقوبات المشددة تخلت طهران عن شروط الاتفاقية التي قيدت برنامجها ولكنها عبرت عن رغبتها بالعودة من جديد وعقد اتفاق مع الإدارة القادمة. وينظر للعقوبات والتصنيفات الإرهابية على أنها محاولة لمنع إدارة ترامب العودة للوضع السابق وتصوير أي محاولة بأنها مكافأة لأعداء أمريكا، ولا يعرف إن كانت هذه ستنجح.
وقال مساعد لمشرع ديمقراطي “ما يقوم بعمله هو خلق أيام صعبة للإدارة المقبلة ولكن يمكن التعامل معها” متوقعا أن المفخخات التي يزرعها بومبيو للإدارة المقبلة سيتم تفكيكها بدون خسارة أي رأسمال سياسي. وقال “الكثير من الضرر الذي تسبب به ترامب وبومبيو تم عبر القرارات التنفيذية وسيتم محوه من خلال القرارات التنفيذية”.